Logo 2 Image
  • English

تنمية خضراء قادرة على الصمود

الأردن يستطيع الخروج من أزمة كورونا والتحرك نحو تحقيق تعاف ٍأخضر وقادر على الصمود وشامل للجميع، من خلال تركيز الجهود على خفض الانبعاثات، وتعزيز القدرة على التنوع في القطاعات الرئيسية والانتقال الى وسائل نقل وحركة أكثر استدامة، وتنويع مصادر الطاقة والاستثمار بالتكنولوجيا المبتكرة، فضلا عن رفع كفاءة سلسلة قيمة الأغذية الزراعية ومرونتها من خلال تطبيق مشاريع إبتكارية في المياه والزراعة دعماً للتكيف مع التغير المناخي، وهذا ايضا يدفعنا لتطوير قطاع التعدين ليكون صديقا للبيئة ومتوازن، وهذا يتطلب التركيز على الدور الحيوي الذي سيتعين على جيل الشباب في الاردن الاضطلاع به مستقبلاً، من أجل المساعدة في إطلاق العنان لإمكانات الأردن فيما يتعلق بالدفع نحو الطاقة النظيفة، وفرص الاستثمار المراعية للبيئة.

فانكماش اقتصاد الشرق الاوسط وشمال افريقيا بنسبة 3.8% عام 2020، بسبب الجائحة وانهيار أسعار النفط حسب تقرير البنك الدولي، ومن المتوقع أن ينتعش بنسبة 2.2% على خلفية التعافي العالمي واراتفاع اسعار النفط، لكن بحلول نهاية عام 2021 من المتوقع أن تعادل خسائر إجمال الناتج المحلي أكثر من 220 مليار دولار ما يشكل 7.2% من مستويات عام 2019. وأدت هذه الجائحة الى تفاقم التحديات الانمائية التي تواجه المنطقة، وارتفاع معدلات البطالة والبطالة الجزئية بين الشباب وضعف عائدات الاستثمار على رأس المال البشري، وارتفعت مستويات الفقر، في حين تواجه الحكومات تحديات في الماليات العامة، وتزايدا في المخاطر المتعلقة بالديون، اضافة لزيادة كبيرة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وصلت عام 2021 (1,471 ميغاطن).

جهود خفض الانبعاثات بصورة كبيرة بحلول عام 2030، سيجنب مناطق العالم المختلفة كارثة (ينطبق هذا بصورة أكبر على منطقتنا العربية)، فاذا لم تحدث تخفيضات هائلة في الانبعاثات ستكون غير قابلة للعيش فيها، نتيجة لارتفاع درجات الحرارة والرطوبة إلى ما يتعدى قدرة جسم الإنسان على تحملهما. أيضاً، وبسبب توقع زيادة الطلب على الغذاء بنسبة 50% بحلول عام 2050، فإنه إذا لم تحدث تخفيضات هائلة في الانبعاثات بدءاً من الآن، ستنخفض الغلات بحلول عام 2040، حيث سترتفع نسبة الأراضي الزراعية المتضررة من الجفاف الشديد إلى 32% سنوياً، كما أن أكثر من 35% من أراضي محصول القمح والأرز اللذين يشكلان معاً 37% من السعرات الحرارية المتناولة، ستتضرر من موجات الحر الشديدة، والتي وصفها جلالة الملك عبدالله الثاني في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في دورتها السادسة والسبعين، إلى القضية التي تؤرق العالم بأسره، والمتمثلة بالتغير المناخي، والتي اكد جلالته انها ”الخطر الوجودي في عصرنا”.

ستُعقد الدورة السادسة والعشرون لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP26) في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 في غلاسكو، لاتخاذ إجراءات حاسمة من قبل جميع البلدان، ولا سيما الدول الصناعية الكبرى في مجموعة العشرين للحفاظ على هدف 1.5 درجة لاتفاق باريس، من خلال تحفيز الحلول المبتكرة والاستثمارات والشراكات العالمية من أجل تحقيق الهدف 7 من أهداف التنمية المستدامة، بتوفير الطاقة النظيفة وبأسعار معقولة لكافة الناس في كل مكان، وستعمل اتفاقيات الطاقة المرتقبة كمبادئ توجيهية للوصول إلى صافي انبعاثات الغازات الدفيئة الى الصفر.

الأردن يجب ان يكون من الداعمين لقضية المناخ، لقلة موارده النفطية، ووجود احتياطات واعدة من الغاز، الذي يجب المضي قدما لتحويله لانتاج الأمونيا الزرقاء، اضافة للامونيا الخضراء التي تنتج من مصادر الطاقة المتجددة، بوصفها مواد وسيطة لتعزيز اقتصاد منخفض الكربون، والتي ستلعب دورًا محوريًا في انتقال الطاقة النظيفة، لبناء مستقبل أفضل وتعجيل إقامة اقتصادات أكثر احتوائية وصلابة واستدامة وخضراء يكون التعاون الإقليمي والدولي مكملا أساسيا للسياسات المحلية القوية، وهنا يجب تحفيز الشركات الأردنية لتكون جزءاً من خطة التحول الهيكلي الاردنية في مجال الطاقة، وإعادة اختراع نفسها، لتكون شركات طاقة في عصر تغير المناخ، وذلك من خلال زيادة طاقة الرياح وتطوير الطاقة الشمسية وتخزين البطاريات، والتوسع بإنشاء محطات لإعادة شحن السيارات الكهربائية كجزء من حملة للتخلص من انبعاثات الكربون أو تعويضها إلى مستوى الصفر الصافي بحلول 2050.

هذا يتطلب تنمية أسواق رأسمال مستدامة لتحقيق الأهدافها المتصلة بالمناخ والبيئة من خلال خلال التعهدات الدولية لانفاق 100مليار دولار سنويا لمساعدة الدول الأكثر عرضة للمخاطر المناخية، وايضا امكانية التمويل من المؤسسات المالية الدولية، حيث ستعطي خطة عمل مجموعة البنك الدولي بشأن تغير ّ المناخ للسنوات 2021-2025 دفعة قوية للجهود الرامية لمساعدة البلدان على تحقيق التكامل التام بين المناخ والتنمية وتعظيم تأثير التمويل المناخي، ومبدأ مبادلة الديون، بالاضافة لأسواق الكربون وأرصدة ائتمانات الكربون التي تعرف باسم "الائتمانات الخضراء"والتي ستساعد الأردن على الاستفادة من الفرص الناشئة لتحقيق التعافي الاقتصادي بما في ذلك في النمو الأخضر والتكنولوجيا وخلق مئات آلاف من الوظائف.

* عضو مجلس ادارة، شركة ادارة الاستثمارات الحكومية


كيف تقيم محتوى الصفحة؟